ما وراء الطبيعة
ما هو؟
الميتافيزيقا أو الماورائيات أو ما وراء الطبيعة هو فرع من الفلسفة يدرس جوهر الأشياء يشمل أسئلة الوجود والصيرورة والكينونة والواقع، وتشير كلمة الطبيعة هنا لطبيعة الأشياء مثل سببها والغرض منها بعد ذلك تدرس ما وراء الطبيعة أسئلة عن الأشياء بالإضافة لطبيعتها، خاصة جوهر الأشياء وجودة كينونتها، وتسعى ما وراء الطبيعة –فى صورة مجردة عامة- للإجابة على هذه الأسئلة:
- ماذا هناك؟
- ما صورته؟
تشمل المواضيع التى تبحث ما وراء الطبيعة فيها كلا من الوجود، والأشياء وخواصها، والمكان والزمان، والسبب والنتيجة، والاحتمالية
الأساس المعرفي
مثل الرياضيات، نظرية المعرفة هى دراسة غير تجريبية والتى تتم باستخدام التفكير التحليلى فقط مثل الرياضيات التأسيسية (والتى تعتبر حالة خاصة من ما وراء الطبيعة مطبقة على وجود الأرقام)، تحاول ما وراء الطبيعة أن تقدم اعتبار متسق لهيكل العالم قادر على تفسير إدراكنا اليومى والعلمى للعالم، وخالي من التناقضات فى الرياضيات،
هناك العديد من الطرق لتعريف الأرقام، بنفس الطريقة فى ما وراء الطبيعة هناك العديد من الطرق لتعريف الأشياء والخواص والمفاهيم والكينونات الأخرى التى تكون العالم فى حين تدرس ما وراء الطبيعة –كحالة خاصة- بعض الكينونات التى يفترضها العلم الأساسى كالذرات والأوتار الفائقة، إلا أن لب موضوعها هو تصنيفات مثل الأشياء والخواص والسببية التى تفترضها هذه العلوم الأساسية على سبيل المثال: ادعاء أن “للإلكترون شحنة” هى نظرية علمية،
بينما دراسة معنى وجود الإلكترون كأحد “الأشياء”، وكون الشحنة أحد “الخواص”، ووجود كل منهما فى كينونة طوبولوجية تسمى “المكان” كل ذلك هى مهمة ما وراء الطبيعة
هناك موقفان واسعان تدرسهما ما وراء الطبيعة عن ما هو “العالم” تفترض الرؤية الكلاسيكية القوية أن الأشياء التى تدرسها ما وراء الطبيعة توجد بشكل مستقل عن أى راصد، بحيث أن الشيء هو أساس كل العلوم، وتفترض الرؤية الحديثة الضعيفة أن الأشياء التى تدرسها ما وراء الطبيعة توجد داخل عقل الراصد،
بحيث يصبح الشيء نوع من الاستبطان والتحليل الفلسفي ويناقش بعض الفلاسفة -مثل كانط- كل من “العالمين” وما يمكن استنتاجه من كل منهما يرفض بعض الفلاسفة –كفلاسفة الوضعية المنطقية- وبعض العلماء الرؤية القوية لما وراء الطبيعة لكونها بلا معنى ولا يمكن إثباتها يجيب البعض بأن هذا الانتقاد ينطبق على أى نوع من المعرفة –بما فى ذلك العلم التجريبي- والذى يدعى وصف كل شيء ما عدا أمور الإدراك الإنساني،
لذا فإن عالم الإدراك هو العالم الحسى بطريقة ما تفترض ما وراء الطبيعة نفسها أن بعض المواقف طُرحت على هذه الأسئلة وأنها تستمر بصورة مستقلة عن الاختيار، حيث أن سؤال أى المواقف يجب أخذها ينتمى لفرع آخر من الفلسفة هو نظرية المعرفة
الأسئلة المركزية
علم الوجود
علم الوجود هو الدراسة الفلسفية لطبيعة الكينونة والصيرورة والوجود والواقع، بالإضافة للمقولات الرئيسية وعلاقاتها
يُعد علم الوجود لب ما وراء الطبيعة حيث أنه يتعامل مع الأسئلة حول ما هى الكيانات الموجودة، أو التى قد توجد، وما هى الكيانات التى يمكن تصنيفها فى سلسلة مراتب طبقا للتشابهات والاختلافات بينها
الهوية والتغيير
الهوية هى قضية هامة فى ما وراء الطبيعة يبحث فلاسفة ما وراء الطبيعة المشغولون بالهوية فى سؤال ما معنى أن يكون للشيء هوية بالنسبة لذاته، أو بصورة أكثر جدل بالنسبة لغيره تظهر قضايا الهوية فى سياق الوقت: ما معنى أن يكون الشيء نفسه فى لحظتين من الزمن؟ كيف نعتمد على ذلك؟ يظهر سؤال آخر عن الهوية عندما نسأل كيف يجب أن تكون معاييرنا من أجل تحديد الهوية؟ وكيف تتفاعل حقيقة الهوية مع التعبيرات اللغوية؟
تحمل مواقف ما وراء الطبيعة التى يحملها الفرد بخصوص الهوية تضمينات على بعض القضايا مثل قضية العقل والجسد، والهوية الشخصية، والأخلاق، والقانون
أخذ اليونانيون القدماء مواقف متطرفة بخصوص طبيعة التغير أنكر بارمينيدس التغير كلية، بينما جادل هيراقليطس أن التغير موجود فى كل مكان قائلا: “لا تستطيع أن تنزل فى نفس النهر مرتين”
الهوية –ويطلق عليها أحيانا الهوية العددية- هى علاقة “الشيء” بذاته، والتى لا يحملها “الشيء” تجاه أى شيء آخر غير ذاته
لايبنتس هو أحد الفلاسفة المعاصرين الذين لهم تأثير دائم على فلسفة الهوية، والذى وضع قانون لا تميز التعبيرات المتطابقة والذى لا يزال يُستخدم حتى اليوم ينص القانون على أنه إذا كان شيء ما س مطابقا لشيء آخر ص، فإن أى خاصية يحملها س لا بد أن يحملها ص
إلا أنه يبدو أن الأشياء تتغير مع مرور الوقت إذا نظر شخص ما لشجرة فى يوم ما، ثم فقدت الشجرة ورقة من أوراقها، فإن هذا الشخص لا يزال ينظر إلى نفس الشجرة هناك نظريتان متنافستان بخصوص العلاقة بين التغير والهوية هما التدرجية والتى تعامل الشجرة كسلسلة من مراحل الشجرة، والثباتية والتى تعتبر الشجرة كائنا حيا –نفس الشجرة- موجود فى كل مراحل الشجرة عبر حياتها
المكان والزمان
تظهر الأشياء إلينا فى مكان وزمان، بينما لا تفعل ذلك الكينونات المجردة مثل التصنيفات والخواص والعلاقات ماذا إذا نعنى بالمكان والزمان حتى يقوما بهذه الوظيفة كأرضية للأشياء؟ هل المكان والزمان كينونات خاصة بصورة ما، أم أنه يجب أن يتواجدا قبل وجود الكينونات؟ كيف يمكن تعريفهما بدقة؟ على سبيل المثال، إذا عرّفنا الوقت بأنه “معدل التغير” فهل هذا يعنى أنه لا بد من تغير شيء ما لكى يوجد الوقت؟
العلية
اعترفت الفلسفة الكلاسيكية بعدد من الأسباب مثل أسباب المستقبل الغائية فى النسبية الخاصة ونظرية المجال الكمومى، وتصبح أفكار المكان والزمان والسببية متداخلة معا حيث تصبح الرتب الزمنية للسببية معتمدة على الراصد لها قوانين الفيزياء متجانسة فى الزمان، لذا يمكن أن تستخدم لتصف الزمان بأنه يجرى للخلف إذا لماذا ندرك الزمان بأنه يتدفق فى اتجاه واحد ومع احتوائه على السببية ندرك أنها تتدفق معه فى نفس الاتجاه؟
يرجع معظم الفلاسفة السببية لمفهوم الواقع المضاد أن تقول أن أ سبب ب فهذا يعنى أنه إن لم يحدث أ فإن ب لم يكن ليحدث، السببية مطلوبة غالبا كأساس لفلسفة العلم، إذا هدف العلم إلى فهم الأسباب والنتائج والقيام بتوقعات حولها
الضرورة والإمكانية
يدرس فلاسفة ما وراء الطبيعة سؤال كيف كان يمكن أن يكون العالم أثبت ديفيد لويس فى كتاب “حول كثرة العوالم” فكرة تسمى الواقعية الصورية الحسية والتى طبقا لها فإن الحقائق حول كيف كان من الممكن أن تكون الأشياء تصبح حقيقة من خلال عوالم حسية أخرى –مثل عالمنا- حيث توجد فيها الأشياء بشكل مختلف تعامل فلاسفة آخرون مثل غوتفريد لايبنتس مع فكرة إمكانية العوالم أيضا تعنى نظرية الضرورة أن أى حقيقة ضرورية هى صحيحة فى كل العوالم الممكنة الحقيقة الممكنة هى صحيحة فى بعض العوالم الممكنة،
حتى وإن لم تكن كذلك فى العالم الحقيقى على سبيل المثال، كان من الممكن أن يكون للقطط ذيلان، أو ألا يتواجد أى تفاح فى المقابل، تبدو بعض الصفات ضرورية مثل التمييز التحليلى الاصطناعى على سبيل المثال “كل العزاب غير متزوجين” المثال المحدد حول كون الحقيقة التحليلية ضرورية هو شيء غير مقبول لكل الفلاسفة أحد الآراء الأقل جدل هى أن الهوية الذاتية ضرورية حيث تبدو أنها مرتبطة ارتباط أساسي بادعاء أن س غير متماثلة مع نفسها يعرف هذا باسم قانون الهوية وهو مبدأ أولى مفترض يصف أرسطو مبدأ عدم التناقض قائلا: “من المستحيل أن تنتمى الصفة ولا تنتمى فى نفس الوقت لشيء ما هذا هو المبدأ الأكثر تأكيد، وقد يشير الشارحون إلى ذلك بأنه الرأى الأمثل لأنه بطبيعته مصدر كل المسلمات الأخرى”
الأسئلة الفرعية
تغير ما هو مركزى وما هو فرعى فى ما وراء الطبيعة مع مرور الوقت ومع اختلاف المدارس إلا أن الفلسفة التحليلية المعاصرة كما تُدرس فى الولايات المتحدة الأمريكية وفى المملكة المتحدة تعتبر ما سبق “مركزيا” وتعتبر التالى “تطبيقات” أو مواضيع “فرعية، وفى بعض الحالات تعتبرها مواضيع منفصلة تطورت من ما وراء الطبيعة ولا تزال تعتمد عليها
علم الكون وعلم أصل الكون
علم كون ما وراء الطبيعة هو أحد فروع ما وراء الطبيعة التى تتعامل مع العالم كمجموع كل الظواهر فى المكان والزمان تاريخيا كون جزء كبير من الموضوع بجانب علم الوجود، على الرغم من أن دوره أكثر فرعية فى الفلسفة المعاصرة لعلم الكون مجال واسع، وتأسس فى كثير من الحالات فى الدين لم يفرق الإغريق بين هذا الاستخدام وبين نموذجهم للكون إلا أنه فى الوقت المعاصر يتعامل مع أسئلة عن الكون والتى تتخطى مجال العلوم الفيزيائية يختلف علم الكون ما وراء الطبيعة عن علم كون الأديان فى أنه يتعامل مع هذه الأسئلة مستخدما الطرق الفلسفية (مثل الجدلية)
يتعامل علم أصل الكون خاصة مع منشأ الكون يحاول علم الكون وعلم أصل الكون توجيه أسئلة مثل:
- ما هو أصل الكون؟ ما هو سببه الأول؟ هل وجود الكون ضروري؟
- ما هى المكونات المادية العليا للكون؟
- ما هو السبب الأسمى لوجود الكون؟ هل للكون غرض ما؟
العقل والمادة
البحث فى وجود العقل فى عالم مكون من المادة هى قضية خاصة بما وراء الطبيعة، وهى قضية كبيرة وهامة لدرجة أنه أصبح لها موضوع دراسة خاص بها هو فلسفة العقل
الثنائية الديكارتية هى نظرية كلاسيكية والتى تنص على أن الجسد والعقل مختلفان جوهريا، مع تميز العقل بالصفات التى كانت تُنسب تقليديا للروح، مما يخلق لغز عقلي عن كيفية تفاعل الاثنين معا، تنص نظرية المثالية على أن الأشياء المادية لا تتواجد إلا إذا أدركناها وتتواجد كإدراكات، فقط الروحية الشاملة والروحية التجريبية هما نظريتان ينصان على أن كل شيء هو عقل أو يمتلك عقلا بدلا من وجود الشيء داخل العقل تنص الأحادية المحايدة على أن الوجود يتكون من عنصر واحد غير عقلى ولا مادي، ولكن لديه القدرة على الظهور فى صورة عقلية أو مادية أو له صفاتهما معا وبالتالى تشير إلى الثنائية الديكارتية فى آخر قرن، كانت النظريات المستقاة من العلم هى النظريات المهيمنة مثل المادية ونظرية هوية العقل والأحادية الشاذة والوظائفية والفيزيائية والمادية الإقصائية ومثنوية الخصائص والظاهراتية المصاحبة ونظرية التولد
الحتمية وحرية الإرادة
الحتمية هى الافتراض الفلسفى بأن كل الأحداث –بما فى ذلك إدراك وقرارات وأفعال البشر- هى محتومة سببيا بسلسلة لا تنكسر من الأحداث السابقة تفترض النظرية أنه لا شيء يحدث إلا وهو حتمى بالفعل النتيجة الرئيسية لافتراض الحتمية هو أنها تطعن فى حرية الإرادة
قضية حرية الإرادة هى قضية ما إذا كان الأفراد العقلانيون يتمتعون بقدر من التحكم فى أفعالهم وقراراتهم تتطلب دراسة هذه القضية فهم العلاقة بين الحرية والسببية، وتحديد ما إذا كانت قوانين الطبيعة حتمية، سببيا يرى بعض الفلاسفة المعروفون باسم الحتميين أن الحتمية وحرية الإرادة مرتبطان حصريا إذا آمنوا بالحتمية، فلا بد أن يعتبروا حرية الإرادة وهم، وهو الموقف المعروف باسم الحتمية الصلبة يتراوح المقترحون من باروخ سبينوزا إلى تيد هونديريخ
يعتقد الآخرون الذين يطلق عليهم التوافقيين أنه يمكن التوافق بين الفكرتين بشكل متماسك من أتباع هذه الفكرة توماس هوبز والعديد من الفلاسفة المعاصرين مثل جون مارتن فيشر
يُطلق على غير التوافقيين الذين يقبلون حرية الإرادة ولكن يرفضون الحتمية اسم فلاسفة الحرية
التصنيفات الطبيعية والاجتماعية
تعود أول أنواع تصنيفات التكوين الاجتماعى إلى أفلاطون فى محاورة فيدروس، حيث يدعى أن نظام التصنيف الطبيعى يبدو كما لو كان “يشكل الطبيعة فى أوصالها” فى المقابل، طعن بعض الفلاسفة اللاحقين فى قدرة التصنيفات الطبيعية والاجتماعية فى مقالة “اللغة التحليلية لجون ويكينز”، يجعلنا بروخيس نتخيل موسوعة ما تنقسم فيها الحيوانات إلى (أ) الحيوانات المنتمية إلى الإمبراطور، (ب) الحيوانات المحنطة، (ج) الحيوانات المدربة وهكذا، من أجل إظهار التباس التصنيفات الطبيعية والاجتماعية طبقا لمؤلفة ما وراء الطبيعة أليسا ناي: “سبب إثارة كل ذلك وجود اختلاف فى ما وراء الطبيعة بين نظام بورجيس وبين نظام أفلاطون”، الاختلاف ليس واضح إلا أن التصنيفات تحاول تشكيل الكينونات طبقا للتفرقة المادية بينما لا يفعل الآخرون ذلك طبقا لكواين، فإن هذه الفكرة مرتبطة بشكل وثيق بفكرة التشابه
العدد
هناك عدة طرق لتشكيل فكرة العدد فى نظريات ما وراء الطبيعة تنص نظريات أفلاطون على أن العدد كصنف رئيسى فى ذاته يعتبر الآخرون العدد كخاصية لكينونة تسمى “المجموعة” والتى تتكون من كينونات أخرى، أو أنها علاقة بين عدة مجموعات من الكينونات، مثل أن “الرقم أربعة هو مجموع كل الأشياء الرباعية” تنطبق العديد من الجدالات حول الكونيات على دراسة العدد، وتتمتع بأهمية كبيرة بسبب مركزها كأساس لفلسفة الرياضيات وللرياضيات نفسها
ما وراء الطبيعة التطبيقية
على الرغم من أن ما وراء الطبيعة افتراضية بشكل كبير كمبادرة فلسفية، إلا أنه لها تطبيقات عملية فى معظم فروع الفلسفة الأخرى والعلوم وتكنولوجيا المعلومات تتطلب هذه المجالات غالبا معرفة أساسيات علم الوجود (مثل نظام الأشياء والخواص والتصنيفات والزمكان) بالإضافة لمواقف ما ورائية عن مواضيع مثل السببية والإنابة، ومن ثم بناء نظرياتهم الخاصة على ذلك
فى العلوم على سبيل المثال، نجد أن بعض النظريات مبنية على افتراض وجودى للأشياء وخواصها (مثل احتواء الإلكترونات على شحنة) بينما ترفض نظريات أخرى الأشياء تماما (مثل نظريات المجال الكمومى حيث تصبح “الإلكترونية” خاصية للزمكان بدلا من الأشياء) بعض النظريات العلمية مثل قانون نيوتن الثاني “ع=ق ك”مبنية على موقف واقعى عن السببية والإنابة يقول القانون أن الشيء قد يسبب حركة (ع) لكتلة ما (ك) عن طريق فرض قوة (ق) بعض النظريات الأخرى مثل نظرية النسبية لأينشتاين هى نظرية حتمية وتفتقد للأسباب والإنابة
تتطلب كل فروع الفلسفة “الاجتماعية” مثل فلسفة الأخلاق وفلسفة الجمال وفلسفة الدين (والتى تؤدى إلى ظهور بعض المواضيع العملية مثل الأخلاق والسياسية والقانون والفن) أسسا ما ورائية، والتى قد تُعتبر فروعا أو تطبيقات لما وراء الطبيعة على سبيل المثال،
قد تنص على وجود بعض الكينونات الأساسية مثل القيم والجمال والإله على التوالى ثم تستخدم هذه الكينونات لإقامة حججهم الخاصة حول الظروف الناتجة منهم عندما يضع الفلاسفة أسسهم فى هذه المواضيع فإنهم يمارسون ما وراء الطبيعة التطبيقية، وقد يبنون على مواضيعها المحورية وطرقها لكى ترشدهم، بما فى ذلك علم الوجود وغيره من المواضيع الفرعية كما فى العلوم،
ستعتمد الأسس المختارة بالتالى على علم الوجود المستخدم، لذا قد يكون على الفلاسفة فى هذه المواضيع أن يبحثوا بعمق فى الطبقة الوجودية لما وراء الطبيعة لاكتشاف الممكن لنظرياتهم، قد يكون التناقض فى نظرية عن الله أو الجمال بسبب افتراض أنها أشياء بدلا من كينونات وجودية أخرى
العلاقة بين ما وراء الطبيعة والعلم
قبل تاريخ العلم الحديث، كانت الأسئلة العلمية جزء من الفلسفة الطبيعية إلا أن المنهج العلمى حول الفلسفة الطبيعية دليل تجريبى مشتق من التجربة، على عكس باقى فروع الفلسفة بحلول نهاية القرن الثامن عشر، أصبح يُطلق على الفلسفة الطبيعية اسم “علم” للتفريق بينها وبين الفلسفة بعد ذلك، أدخلت ما وراء الطبيعة التحقيقات الفلسفية للشخصية غير التجريبية فى طبيعة الوجود استمرت ما وراء الطبيعة فى سؤال “لماذا” بعد تخلى العلم عنه على سبيل المثال،
تعتمد أى نظرية فيزيائية أساسية على مجموعة من البديهيات، والتى تفترض وجود بعض الكيانات مثل الذارت والجزيئات والقوة والشحنة والكتلة والمجالات التعبير عن هذه الافتراضات هى “غاية” النظرية العلمية تأخذ ما وراء الطبيعة هذه الافتراضات وتبحث فى معناها كمفاهيم إنسانية
على سبيل المثال، هل تتطلب النظريات الفيزيائية وجود الزمان والمكان والأشياء والخواص؟ أم من الممكن التعبير عنها باستخدام الأشياء فقط أو الخواص فقط؟ على الأشياء الاحتفاظ بهويتها مع مرور الوقت أم أنها تتغير؟ هل يمكن إعادة صياغة النظريات من خلال تحويل الخواص والسمات (مثل “الأحمر”) إلى كينونات (مثل الإحمرار أو مجالات الحُمرة) أو عمليات (“يحدث بعض الإحمرار هناك” هى جملة بشرية تُستخدم أحيانا بدلا من استخدام الخواص) هل التفرقة بين الأشياء والخواص أساسية للعالم الفيزيائى أم لإدراكنا لها؟
انصبت كثير من الأعمال الحديثة على تحليل دور ما وراء الطبيعة فى التنظير العلمى، قاد ألكسندر كويري هذه الحركة، حيث أعلن فى كتابه ما وراء الطبيعة والقياس أن “لا يحقق العقل العلمى التقدم من خلال اتباع التجربة، بل من خلال تخطى التجربة” يمكن لهذا الافتراض الميتافيزيقى التأثير فى التنظير العلمى كما قال جون واتكينز فى أهم إسهاماته للفلسفة
منذ 1957 “أظهر طرق بعض الأفكار غير القابلة للقياس وبالتالى –طبقا لأفكار بوبر- تكون الافتراضات غير التجريبية مؤثرة فى تطوير نظريات علمية قابلة للقياس مثلت هذه النتائج العميقة فى المنطق الأولى التطبيقى عملية إصلاحية هامة لطرق التدريس الإيجابية عن انعدام معنى ما وراء الطبيعة وعن الادعاءات القياسية” ادعى إمرى لاكاتوس أن لكل النظريات العلمية قلب ميتافيزيقي صلب ضروري لجيل الأطروحات والافتراضات النظرية
من هنا –طبقًا للاكاتوس- “ترتبط التغيرات العلمية بثورات ميتافيزيقية جامحة وواسعة”مثال من أحياء نظرية لاكتوس: جادل ديفيد هول أن التغيرات فى الحالة الوجودية لمفهوم الأنواع كانت مركزية فى تطور التفكير البيولوجى من أرسطو وحتى كوفييه ولامارك وداروين جعل جهل داروين بما وراء الطبيعة الرد على منتقديه أكثر صعوبة لأنه لم يتمكن ببساطة من استيعاب الطرق التى اختلفت آراؤهم الميتافيزيقية عن آرائهفى الفيزياء،
ظهرت أفكار ميتافيزيقية جديدة مرتبطة بميكانيكا الكم، حيث أن الجسيمات دون الذرية لا تمتلك نفس نوع الفردية مثل المحددات التى اهتم بها الفلاسفة تقليديا أيضا أدى التمسك بما وراء الطبيعة الحتمية فى وجه التحدى الذى نتج عن مبدأ عدم التأكد فى ميكانيكا الكم إلى اقتراح الفيزيائيين مثل ألبيرت أينشتاين نظريات بديلة تحمل فكرة الحتمية،
يشتهر ألفريد نورث وايتهيد بخلقه عملية فلسفية ميتافيزيقية مستوحاة من الإلكترومغناطيسية ونظرية النسبية الخاصة فى الكيمياء تحدث جيلبيرت نيوتن لويس عن طبيعة الحركة، حيث جادل أنه لا يجب أن نقول أن الإلكترون يتحرك فى حين أنه لا يمتلك أيًا من خواص الحركة، لاحظت كاثرين هولى أن ما وراء الطبيعة حتى لنظرية علمية مقبولة قد تواجه بعض التحديات إذا أمكن الجدال أن الافتراضات الميتافيزيقية للنظرية لا تساهم فى نجاحها التنبؤي
رفض ما وراء الطبيعة
اقترح بعض الأشخاص أنه يجب رفض معظم أو كل ما وراء الطبيعة فى القرن الثامن عشر، أخذ ديفيد هيوم موقف متطرف، مجادلاً أن كل العلوم الحقيقية تحتوى إما على الرياضيات أو مفاهيم الحقيقة، وأن ما وراء الطبيعة –التى تتخطى ذلك- لا قيمة لها أنهى هيوم كتابه تساؤلات بخصوص الفهم الإنسانى بتعبيره:
“إذا أخذنا فى أيدينا أى جزء من القداسة أو مدرسة ما وراء الطبيعة على سبيل المثال فيجب علينا أن نسأل: هل تحتوى على أى تبرير مجرد بخصوص الكمية أو العدد؟ لا هل تحتوى على أى تبرير تجريبى بخصوص مفاهيم الحقيقة أو الوجود؟ لا إذا ألق بها فى النيران لأنها لا يمكن أن تحتوى إلا على سفسطة ووهم”
بعد ثلاثين سنة من تساؤلات هيوم، نشر إيمانويل كانط كتابه نقد العقل المحض على الرغم من أنه اتبع هيوم فى رفضه لمعظم ما وراء الطبيعة، إلا أنه قال بإمكانية وجود بعض التمييز التحليلى الاصطناعى المهتم بأمور الواقع والمستقل عن التجربة تضمن ذلك الهياكل الأساسية للمكان والزمان والسببية تحدث كانط عن حرية الإرادة وعن وجود “الشيء فى ذاته” وعن أشياء التجربة العليا
قدم فتجنشتاين مفهوم أن ما وراء الطبيعة يمكن أن تتأثر بنظريات الجمال عن طريق المنطق فى عالم مكون من “الحقائق الذرية”
فى الثلاثينيات، أكد ألفرد آير ورودولف كارناب على موقف هيوم، حيث اقتبس كارناب الفقرة السابقة جادل كل منهما على أن العبارات الميتافيزيقية ليست صحيحة وليست خاطئة بل ليس لها معنى لأن العبارة –طبقًا لكتابهم نظرية التحقق من المعنى- لا يكون لها معنى فقط إذا كان هناك دليل تجريبى فى صالحها أو ضدها لذلك فى حين رفض آير واحدية سبينوزا،
تجنب الالتزام بالجمعية –الموقف المضاد- عن طريق قوله أن كلا من الرأيين ليس لهما معنى اتبع كارناب طريق مماثل فى الخلاف حول حقيقة العالم الخارجى فى حين يمكن اعتبار حركة الإيجابية المنطقية ميتة حاليا، إلا أنه استمرت فى التأثير على تطور الفلسفة، جادل الفيلسوف إدوار فيسر ضد هذا الرفض، حيث لاحظ أن نقد هيوم لما وراء الطبيعة -وخاصة شوكة هيوم- على حد تعبيره “تدحض نفسها علانية”
يجادل فيسر أن شوكة هيوم نفسها ليست حقيقة ذهنية كما أنها غير قابلة للاختبار التجريبى
جادل بعض الفلاسفة الأحياء –أمثال إيمى توماسون- أن كثير من الأسئلة الميتافيزيقية يمكن تحليلها بمجرد النظر على طريقة استخدامنا للكلمات، بينما جادل آخرون –أمثال تيد سيدر- أن الأسئلة الميتافيزيقية جوهرية، وأنه بإمكاننا تحقيق تقدم حقيقى نحو إجابة هذه الأسئلة من خلال مقارنة النظريات طبقًا لحيز من المزايا النظرية المستوحاة من العلم، مثل التبسيط وقوة الشرح
تاريخ ومدارس ما وراء الطبيعة
ما قبل التاريخ
يقترح علم الآثار المعرفى المتمثل فى تحليل رسومات الكهوف وفنون ما قبل التاريخ أن شكل من أشكال الفلسفة الخالدة أو الميتافيزيقانية الشامانية قد امتد منذ نشأة الحداثة السلوكية، فى بقاع العالم أجمع كما توجد معتقدات مماثلة فى ثقافات “العصر الحجري” المستمرة للحاضر مثل التى عند السكان الأصليين الأستراليين،
تفترض الفلسفة الخالدة وجود عالم للروح أو للمعنى جنبًا إلى جنب مع عالم الحاضر اليومى ويحدث تواصل بين العالمين خلال أحلام وطقوس أو فى أيام خاصة أو فى أماكن خاصة وأثير جدل أن الفلسفة الخالدة وضعت حجر الأساس للأفلاطونية، فالأفلاطونية لم تخلق بل عبرت عن الكثير من المعتقدات القديمة المشهورة
العصر البرونزي
طورت ثقافات العصر البرونزى مثل بلاد ما بين النهرين القديمة ومصر القديمة (جنبًا إلى جنب مع ثقافات مماثلة فى وقت لاحق مثل المايا والأزتيك) نظام معتقدات مبنى على الأساطير والآلهة المجسمة وثنائية العقل والجسد وعلم الأرواح، طورت هذا النظام بهدف تفسير ظواهر الكون وكانت هذه الثقافات مهتمة بالفضاء وقد تكون توصلت لبعض النجوم باستخدام هذه الوسائل فى الثقافة المصرية القديمة، الاختلاف الوجودى بين كلمتى ترتيب “مآت” وفوضى “إسفت” كان مفصليًا
اليونان ما قبل سقراط
كان أول فيلسوف ذكر اسمه – كما ذكر أفلاطون – طاليس من مليتيس فى القرن السادس قبل الميلاد وقد استخدم الشروح الفيزيائية البدائية لتفسير وجود العالم بدلا، من استخدام الأساطير والتفسيرات السماوية التقليدية اعتقد طاليس أن الماء هو الجوهر الأساسى للعالم المادى افترض تلميذاه الشابان المليتيسيان أنكسماندر وأنكسمينيز جوهران أساسيان محددان وهما الأبيرون – اللامحدود – والهواء على التوالى
أما المدرسة الإيلية فكانت مدرسة أخرى فى جنوب إيطاليا، تأسست فى أوائل القرن الخامس قبل الميلاد من قِبَل بارمنيدس وقد ضمت زينو من إيليا وميليسوس من ساموس عامةًَ كان الإيليون عقلانيون واتخذوا معايير منطقية للوضوح والضرورة لتكون معايير للحقيقة كانت عقيدة بارميندس الأساسية هى أن الواقع كيان واحد لا يتغير فى مفارقاته استخدم زينو برهان الخلف لإثبات الطبيعة الزائفة للتغير والوقت
على النقيض جعل هيراقطاليس من إيفيسوس من التغير عامل مركزي قائلا بأن “كل شيء يسري” كانت فلسفته الموجزة غامضة بعض الشيء فعلى سبيل المثال، اعتقد هيراقطاليس بوحدة المتناقضات
اشتهر ديموقريطوس ومعلمه ليوكيبوس بصياغتهما لنظرية ذرية للكون وقد اعتبروا رواد المنهج العلمى
الصين الكلاسيكية
يمكننا اقتفاء أثر الميتافيزيقا فى الفلسفة الصينية رجوعًا للمفاهيم الفلسفية المبكرة فى أسرة تشو مثل تيان “السماء” ويِن ويانج وقد شهد القرن الرابع قبل الميلاد تحولاً فى علم الكونيات مع ارتفاع الطاوية وقد نُظِر للعالم الطبيعى كعالم ديناميكى وذى عمليات متغيرة متكررة تنشأ بتلقائية عن مصدر واحد ملازم للعالم وهو (الطاو)
حينها ظهرت مدرسة أخرى فى الأرجاء وهى مدرسة المذهب الطبيعى والتى رأت أن العنصر الميتافيزيقى المطلق هو التاى تشي وهو (القطبية السامية) المكونة من قوتى اليين واليانغ واللتان تكونان فى حالة تغير رغبة فى الوصول للاتزان أولت ما وراء الطبيعة الصينية وخاصة الطاوية اهتمام لطبيعة العلاقة بين العاقل وغير العاقل رأى الطاويون أن الطاو – المطلق – يعتبر غير عاقل وبلا وجود كما وجدت مفاهيم هامة أخرى متعلقة بالنشوء/التولد التلقائى أو النماء الطبيعى (زيران) والرنين المترابط (جانيج)
بعد سقوط أسرة هان 200 بعد الميلاد، شهدت الصين صعود مدرسة الطاوية الجديدة كانت لهذه المدرسة أثر كبير فى تطوير مفاهيم الميتافيزيقة الحديثة الصينية دخلت الفلسفة البوذية المدرسة الصينية فى القرن الأول الميلادى وتأثرت بالمفاهيم الميتافيزيقية الصينية الأولية لتطور نظريات جديدة حافظت مدرستى تيانتاى وهواين الفلسفيتين النظريات الهندية سونياتا (الفراغ) وطبيعة بوذا (فوشينج) إلى نظرية تداخل الظواهر وأعادت تفسيرها وتأثرًا بالمدراس الأخرى طور الكونفشيون الجدد أمثال زانج زيي مفاهيم المصدر (il) والطاقة الحيوية (qi)
سقراط وأفلاطون
عرف سقراط بجدليته أو بتساؤلاته نحو الفلسفة أكثر مما عرف بتوجه إيجابى ميتافيزيقى تلميذه الصغير أفلاطون اشتهر بنظرية عالم المثل (والتى قالها على لسان سقراط فى حواراته) الواقعية الأفلاطونية – والتى تعد شكل من أشكال المثالية – تعتبر حل لمسألة العموميات على سبيل المثال ما هى الخصائص المشتركة للأشكال التى تجعلها تتخذ نفس الشكل؟
للنظرية محاور أخرى على سبيل المثال:
– معرفيٌا: معرفة الأشكال أكثر من مجرد بيانات حسية
– أخلاقيًا: أشكال الخير تشكل معيار موضوعي للفضيلة
– الوقت والتغير: عالم الأشكال أبدى وثابت، الوقت والتغير ينتميان فقط لعالم المحسوسات الأدنى “الوقت هو صورة متحركة للأبد”
– الكائنات المجردة والرياضيات: الأرقام، الأشكال الهندسية وما إلى ذلك موجود بشكل مستقل فى عالم الأشكال
تطورت الأفلاطونية إلى الأفلاطونية الجديدة وهى فلسفة بنكهة توحيدية روحانية والتى جعلت تبقى فى ظل العصر المسيحى المبكر
أرسطو
كتب تلميذ أفلاطون فى كل الموضوعات تقريبًا بما فى ذلك الميتافيزيقا، وتعارض حله لمسألة العموميات مع أفلاطون، فبينما يرى أفلاطون أن الأشكال موجودة ظاهريًا فى العالم المرئى يرى أرسطو الجوهر فى الخواص الإمكانات والواقعية هى مبادئ ثنائية التى استخدمها أرسطو فى أعماله الفلسفية لتحليل الحركة والعلِّية وغيرها من القضايا
النظرية الأرسطية للحركة والعلِّية تنقسم إلى علل أربع وهى المادية والصورية والفعالية والغائية