فلسفة الرياضيات
ما هى؟
هى إحدى فروع الفلسفة التى تدرس الافتراضات الفلسفية للرياضيات والأسس والنتائج المترتبة على النظريات الرياضية وتحاول الإجابة عن أسئلة تتعلق بطبيعة الكائنات الرياضية وتتسائل عن كيفية تجريد الكائنات الرياضية من الطبيعة ثم استخدامها فى فهم الطبيعة ذاتها وإلى أى درجة يمكننا القول أن العبارات الرياضية صحيحة؟ وهل للكائنات الرياضية وجود حقيقي؟ أم هى مجرد أدوات تخيلية تجريدية يستخدمها الإنسان لتسهيل معالجته لظواهر الطبيعة؟ وبهذا فإن الهدف من فلسفة الرياضيات هو تقديم سرد عن طبيعة الرياضيات ومنهجها العلمى ودورها فى حياة الإنسان،
والطبيعة المنطقية والهيكلية للرياضيات يجعل هذه الدراسة واسعة وفريدة من نوعها بين نظرائها الفلسفية،
الواقعية الرياضية أو الإفلاطونية
تعتبر الواقعية الرياضية الكائنات الرياضية ذات وجود مستقل عن العقل الإنساني، لذلك فإن مهمة الإنسان هو استكشاف هذا العالم الرياضى وليس اختراعه كما أن أى كائن ذكى مفترض فى هذا الكون قادر على استكشاف هذا العالم الرياضى وسبر أغواره،
ويطلق على هذه المدرسة اسم الأفلاطونية باعتبارها تماثل وجهة نظر أفلاطون من حيث إيمانه بعالم المثل والأفكار الذى يمثل لديه العالم الكلى اللا متغير وما العالم اليومى الذى نعيش فيه إلا مقاربات غير مكتملة لهذا العالم المثالي،
من المحتمل أن جذور فكرة أفلاطون تأتى من عند فيثاغورس الذى كان يؤمن هو وتلاميذه من الفيثاغورسيين أن العالم مكون حرفيا من الأعداد، وعلى ما يبدو فإن هذه النظرة ذات جذور أعمق فى التاريخ لا يمكن تحديد بدايتها،
يعتبر العديد من علماء الرياضيات واقعيين رياضيين فهم يعتبرون أنفسهم مكتشفين يتجولون لرؤية روائع هذا العالم الرياضى وليس مخترعين لها، أمثلة هؤلاء كثر: السبب النفسى وراء هذا الاعتقاد أنه من الصعب القبول أن شخصا ما يشغل نفسه لفترة طويلة من الزمن ما لم يكن مقتنعا فعلا بوجوده،
يؤمن غودل بنوع من الواقع الرياضى الموضوعى يمكن إدراكه بطريقة مشابهة لإدراك الحواس، بعض المباديء يمكن أن تعتبر صحيحة مباشرة لكن بعض الحدسيات مثل فرضية الاستمرار لا يمكن البت فيها استنادا لهذه المباديء، لذلك يقترح غودل منهجية شبه تجريبية يمكن أن تؤمن تأكيد كافي لافتراض هذه الحدسية،
المشكلة الأساسية فى وجهة النظر لا واقعية للرياضيات: هى أين وكيف تتواجد هذه الكائنات الرياضية؟ هل هى فى عالم كامل الانفصال عن عالمنا تسيطر عليه الكائنات الرياضية؟ كيف لنا أن نتواصل مع ذلك العالم ونستكشف حقائقه؟ يقدم كلا من أفلاطون قديما وغودل حديثا إجابات لهذه الأسئلة لكن هذه الإجابات لا تبدو مقنعة للكثيرين،
الشكلية
تقوم المدرسة الشكلية على فكرة أنه من الممكن التفكير بالعبارات الرياضية على أنها نتائج لقواعد معالجة المقولات الأولية، فمثلا الهندسة الإقليدية تعتبر مؤلفة من مقولات تدعى البديهيات، بالإضافة لبعض قواعد الدلالة التى تسمح باستنباط مقولات جديدة من المقولات الأولى المعطاة، وبما أنك قادر على البرهنة على مبرهنة فيثاغورس وحدك فهذا يعنى أنك قادر على إنشاء المقولة التى تمثل هذه المبرهنة،
وبهذا يمكنك اعتبار الرياضيات لعبة لها قواعد منظمة يمكنك أن تلعبها بطريقتك الفريدة ما دمت ملتزم بقواعدها وتتغير النتائج كلما غيرت طريقتك،
وفق بعض مذاهب الشكلية فإن مسألة الموضوع فى الرياضيات هى حرفيا الرموز المكتوبة ذاتها، وعندها تصبح القضية لعبا بهذه الرموز ولا يهم ما هى نوع اللعبة فجميع الألعاب متكافئة ويمكنك أن تلعب أى واحدة تختار لكن هذه الرؤية لا تعطى حلول للأسئلة الجوهرية: ما هى هذه الرموز الرياضية؟
هل توجد حقا فى عالم تخيلى غير متغير؟ ولماذا هى مفيدة فى شرح العالم الواقعي؟ هذه النظرة تحول الرياضيات لمجرد فعالية بشرية متفوقة لعبتها الرموز والأرقام لكنها لا تقدم حلولا لذلك لم تلق انتشار كبير،
تقول مدرسة ثانية من الشكلية بالاستنتاجية فمبرهنة فيثاغورس فى هذه الحالة لا تعود حقيقة مطلقة إنما حقيقة نسبية: إذا نسبت معنى وحقيقة للمقولات الرياضية بحيث تصبح قواعد اللعبة صحيحة عندئذ عليك قبول المبرهنة أو أن التفسير الذى تعطيه للمبرهنة يجب أن يكون عبارة صحيحة(أى أن صحة العبارات الرياضية مرتبطة بصحة البدهيات الأساسية بشرط اعتماد قواعد “لعبة” تحفظ هذه الصحة)،