خلق الجان وخلق آدم وخلق ذريته منه
بعض ماورد في القرآن الكريم من الخالق عز وجل عن خلق الجان وخلق آدم وخلق ذريته منه
قال الله تعالى : ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)﴾ (سورة المؤمنون)
قال الله تعالى : ﴿خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)﴾ (سورة الرحمن)
قال الله تعالى : ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)﴾ (سورة الحجر)
قال الله تعالى : ﴿قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاً تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لأسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33)﴾ (سورة الحجر)
قال الله تعالى : ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)﴾ (سورة الفرقان)
قال الله تعالى : ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاً هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)﴾ (سورة آل عمران)
قال الله تعالى : ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8)﴾ (سورة الرعد)
بعض ماورد في السنة والأثر عن خلق الجان وخلق آدم وخلق ذريته منه
- عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار وخلق آدم مما وصف لكم ” رواه مسلم
- روى ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ان الله خلق آدم رجلا طوالا كثير شعر الرأس كأنه نخلة سحوق فلما ذاق الشجرة سقط عنه لباسه فأول ما بدا منه عورته فلما نظر إلى عورته جعل يشتد في الجنة فأخذت شعره شجرة فنازعها فناداه الرحمن عزوجل يا آدم مني تفر فلما سمع كلام الرحمن قال يا رب لا ولكن استحياء “
- روى الحافظ بن عساكر عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ان أباكم آدم كان كالنخلة السحوق ستين ذراعا كثيرا لشعر مواري العورة فلما أصاب الخطيئة في الجنة بدت له سوأته فخرج من الجنة فلقيته شجرة فأخذت بناصيته فناداه ربه أفرارا مني يا آدم قال: بل حياء منك والله يا رب مما جئت به “
- روى الامام أحمد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لما خلق الله آدم تركه ما شاء أن يدعه فجعل إبليس يطيف به فلما رآه أجوف عرف أنه خلق لا يتمالك “
- روى أبو يعلى عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” إن الله خلق آدم من تراب ثم جعله طينا ثم تركه حتى إذا كان حمأ مسنونا خلقه وصوره ثم تركه حتى إذا كان صلصالا كالفخار قال فكان إبليس يمر به فيقول لقد خلقت لأمر عظيم، ثم نفخ الله فيه من روحه فكان أول ما جرى فيه الروح بصره وخياشيمه فعطس فلقاه الله رحمة ربه فقال الله: يرحمك ربك، ثم قال الله يا آدم اذهب إلى هؤلاء النفر فانظر ماذا يقولون ؟ فجاء فسلم عليهم فقالوا وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، فقال يا آدم هذا تحيتك وتحية ذريتك، قال يا رب وما ذريتي قال اختر يدي يا آدم قال اختار يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين وبسط كفه فإذا من هو كائن من ذريته في كف الرحمن فإذا رجال منهم أفواههم النور فإذا رجل يعجب آدم نوره قال يا رب من هذا قال ابنك داود قال يا رب فكم جعلت له من العمر قال جعلت له ستين قال يا رب فأتم له من عمري حتى يكون له من العمر مائة سنة ففعل الله ذلك وأشهد على ذلك فلما نفذ عمر آدم بعث الله ملك الموت فقال آدم أو لم يبق من عمري أربعون سنة قال له الملك: أو لم تعطها ابنك داود فجحد ذلك فجحدت ذريته ونسي فنسيت ذريته “
- روى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لما خلق آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور ثم عرضهم على آدم فقال أي رب من هؤلاء قال هؤلاء ذريتك فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه فقال أي رب من هذا قال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود: قال رب وكم جعلت عمره قال ستين سنة، قال: أي رب زده من عمري أربعين سنة فلما انقضى عمر آدم، جاءه ملك الموت، قال: أو لم يبق من عمري أربعون سنة، قال: أو لم تعطها ابنك داود، قال فجحد فجحدت ذريته ونسي آدم فنسيت ذريته وخطئ آدم فخطئت ذريته ” ثم قال الترمذي حسن صحيح وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه الحاكم في مستدركه من حديث أبي نعيم الفضل بن دكين وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه،
- روى الحاكم في المستدرك عن أنس رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما صور الله آدم تركه فجعل إبليس يطيف به فينظر إليه فلما رآه أجوف قال ظفرت به خلق لا يتمالك هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه
- روى الحاكم في المستدرك عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما قال ما سكن آدم الجنة إلا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
- روى الحاكم في المستدرك عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما قال إن أول ما أهبط الله آدم إلى أرض الهند هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
- روى الحاكم في المستدرك عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما قال قال علي بن أبي طالب أطيب ريح في الأرض الهند أهبط بها آدم صلى الله عليه وسلم فعلق شجرها من ريح الجنة هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه
- روى الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير يوم طلعت الشمس فيه يوم الجمعة خلق آدم فيه وفيه أهبط إلى الأرض هذا حديث صحيح على شرط مسلم وقد أخرجاه من حديث الزهري بغير هذا اللفظ
- روى الحاكم في المستدرك عن بن عباس رضى الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أخذ الله الميثاق من ظهر آدم صلى الله عليه وسلم بنعمان يعني بعرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا وقال ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إلى قوله بما فعل المبطلون هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
خلق الرحم وكلامها أمام خالقها جل جلاله
- روي في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذ من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى قال فذاك لك “
الرحم خلق عظيم من مخلوقات الله جعله الله تعالى منزلاً ومستقراً لنشأة وحياة بني آدم ويسر له دخول الغذاء وخروج الفضلات منه بحكمة بالغة من الخالق عز وجل تدل على عظمة هذا المخلوق
و قد اختار له مكانا محكماً في جوف أنثى بني آدم حتى إذا التقى ماء الذكر بماء الأنثى وشاء الله أن يتكون منها خلقاً آخر فإن الرحم هذا الخلق العظيم يستجيب لمولاه وخالقه العظيم فيستقر الحمل ويحتفظ الرحم بالمخلوق الجديد إلى أن يشاء الله ثم يخرج طفلاً
و من أعلى تشريف وتكريم لهذا المخلوق العظيم أن الله رتب على الرحم الحقوق بين الناس كالنفقة والصلة والقرابة والمواريث وغيرها
و أعظم من ذلك التشريف ما رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن للرحم لسانا يوم القيامة تحت العرش يقول يا رب قطعت يا رب ظلمت يا رب أسيء إلي فيجيبها ربها ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك”
- روى البخاري ومسلم عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يدخل الجنة قاطع”، قال ابن أبي عمر قال سفيان: يعني قاطع رحم،
بعض ماورد في القرآن الكريم من الخالق عز وجل عن الرحم
قال الله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)﴾ (سورة الحج)
قال الله تعالى : ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاً هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)﴾ (سورة آل عمران)
قال الله تعالى : ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)﴾ (سورة المؤمنون)
قال الله تعالى : ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8)﴾ (سورة الرعد)
قال الله تعالى : ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)﴾ (سورة البقرة)
أنواع الرحم
الرحم نوعان رحم عامه ورحم خاصة وتختلف في الحقوق والواجبات والصلة كما في التفصيل التالي
رحم عامه
وهي رحـم دين الإسلام والإيمان ويوجب صلتها محبة المسلمين وونصرتهم ومساعدتهم والعدل بينهم والنصيحة لهم وعدم قتلهم بدون حق وغيرها من الحقوق الواجبة لهم
قال الله تعالى : ﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)﴾ (سورة الأنفال)
قال الله تعالى : ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)﴾ (سورة محمد)
قال الله تعالى : ﴿لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3)﴾ (سورة الممتحنة)
قال الله تعالى : ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلاً أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)﴾ (سورة الأحزاب)
مدة حياة الإنسان في الرحم (الحمل)
قال الله تعالى : ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8)﴾ (سورة الرعد)
مدة حياة الأنسان في الرحم لا يعلمها إلا الله تعالى فهو بكل شي عليم وكل شي عنده بمقدار فمن قدر الله تعالى وقدرته أن جعل هناك حدا لبداية الحمل ونهايته
- ذكر أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرآن مجمل أقوال العلماء في مدة الحمل
فقال رحمة الله تعالى ” وأجمع العلماء على أن أقل الحمل ستة أشهر
وأن عبد الملك، بن مروان ولد لستة أشهر، وهذه الستة الأشهر هي بالأهلة كسائر أشهر الشريعة؛ ولذلك قد روي في المذهب عن بعض أصحاب مالك، وأظنه في كتاب ابن حارث أنه إن نقص عن الأشهر الستة ثلاثة أيام فإن الولد يلحق لعلة نقص الأشهر وزيادتها؛ حكاه ابن عطية،
واختلف العلماء في أكثر الحمل؛ فروى ابن جريج عن جميلة بنت سعد عن عائشة قالت: يكون الحمل أكثر من سنتين قدر ما يتحول ظل المغزل؛ ذكره الدارقطني،
وعن الليث بن سعد – إن أكثره ثلاث سنين،
وعن الشافعي أربع سنين؛
وعن الزهري ست وسبع،
قال أبو عمر: ومن الصحابة من يجعله إلى سبع؛ والشافعي: مدة الغاية منها أربع سنين، والكوفيون يقولون: سنتان لا غير، ومحمد بن عبد الحكم يقول: سنة لا أكثر، وداود يقول: تسعة أشهر، لا يكون عنده حمل أكثر منها،
قال أبو عمر: وهذه مسألة لا أصل لها إلا الاجتهاد، والرد إلى ما عرف من أمر النساء وبالله التوفيق،
وروى الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال: قلت لمالك ابن أنس إني حدثت عن عائشة أنها قالت: لا تزيد المرأة في حملها على سنتين قدر ظل المغزل، فقال: سبحان الله! من يقول هذا؟ ! هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان، تحمل وتضع في أربع سنين، امرأة صدق، وزوجها رجل صدق؛ حملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة، تحمل كل بطن أربع سنين،
وذكره عن المبارك ابن مجاهد قال: مشهور عندنا كانت امرأة محمد بن عجلان تحمل وتضع في أربع سنين، وكانت تسمى حاملة الفيل، وروى أيضا قال: بينما مالك بن دينار يوما جالس إذ جاءه رجل فقال: يا أبا يحيى! ادع لامرأة حبلى منذ أربع سنين قد أصبحت في كرب شديد؛ فغضب مالك وأطبق المصحف ثم قال: ما يرى هؤلاء القوم إلا أنا أنبياء! ثم قرأ، ثم دعا، ثم قال: اللهم هذه المرأة إن كان في بطنها ريح فأخرجه عنها الساعة، وإن كان في بطنها جارية فأبدلها بها غلاما، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب، ورفع مالك يده، ورفع الناس أيديهم، وجاء الرسول إلى الرجل فقال: أدرك امرأتك، فذهب الرجل، فما حط مالك يده حتى طلع الرجل من باب المسجد على رقبته غلام جعد قطط، ابن أربع سنين، قد استوت أسنانه، ما قطعت سراره؛
وروي أيضا أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين! إني غبت عن امرأتي سنتين فجئت وهي حبلى؛ فسأل عمر الناس عنها، فقال معاذ بن جبل: يا أمير المؤمنين! إن كان لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل؛ فأتركها حتى تضع، فتركها، فوضعت غلاما قد خرجت ثنيتاه؛ فعرف الرجل الشبه فقال: ابني ورب الكعبة!؛ فقال عمر: عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ؛ لولا معاذ لهلك عمر،
وقال الضحاك: وضعتني أمي وقد حملت بي في بطنها سنتين، فولدتني وقد خرجت سني،
ويذكر عن مالك أنه حمل به في بطن أمه سنتين،
ويقال: إن محمد بن عجلان مكث في بطن أمه ثلاث سنين، فماتت به وهو يضطرب اضطرابا شديدا، فشق بطنها وأخرج وقد نبتت أسنانه،
وقال حماد بن سلمة: إنما سمي هرم بن حيان هرما لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين،
وذكر الغزنوي أن الضحاك ولد لسنتين، وقد طلعت سنه فسمي ضحاكا،
وقال عباد بن العوام: ولدت جارة لنا لأربع سنين غلاما شعره إلى منكبيه،
قال ابن خويز منداد: أقل الحيض والنفاس وأكثره وأقل الحمل وأكثره مأخوذ من طريق الاجتهاد؛ لأن علم ذلك استأثر الله به، فلا يجوز أن يحكم في شيء منه إلا بقدر ما أظهره لنا، ووجد ظاهرا في النساء نادرا أو معتادا؛ ولما وجدنا امرأة قد حملت أربع سنين وخمس سنين حكمنا بذلك، والنفاس والحيض لما لم نجد فيه أمرا مستقرا رجعنا فيه إلى ما يوجد في النادر منهن،
انتهى كلامه رحمة الله