You are currently viewing حق طبيعي
  • كاتب المشاركة:

الحق الطبيعي

هو مجموعة الحقوق التي يكتسبها الفرد بالطبيعة، أي أنها هبة طبيعية لكل فرد من الجنس البشري، لا تنزع من الشخص والشعوب وتلتصق بالإنسان، ومن حقّه أن يعيها كوعيه حريته وكرامته الإنسانية؛ في حين يجب على المجتمع وسلطاته أن تؤمن الشروط على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، لجعل ممارستها وصيانتها أمر ممكن، ومحاربة الحواجز التي تحول دونها أو تنتهك حرمتها،

فعلاوة على الحقوق التي يحرزها الإنسان بعمله، يمثل الحق الطبيعي، الحقوق الأخرى الأساسية التي يحصل عليها ليس بالإربتاط بنشاطه أو وظيفته بل نبعًا من كرامته الجوهرية بصفته إنسان، بكل الأحوال، فإنه لا يمكن النظر للحقوق الطبيعية بوصفها حقوق فردية مكتفية بذاتها، بل هي محدودة بالمجتمع والخيرات العامة للأفراد الآخرين،

فإنّ فردية مطلقة تعني “تضعضع الروابط الأخوية بين الناس، ليحلّ مكانها الرعب والحقد والخوف”،

حقوق الأفراد

الحياة

إن حق الحياة محفوظ لكل إنسان، فإن الحياة هي هبة إلهية أساسا، ومن ثم فهي مصونة ومحترمة منذ لحظة الحبو حتى الوفاة بشكل طبيعي، ومن واجب الإنسان الحفاظ على حياته، ويغدو “كل ما يضاد الحياة نفسها، كأنواع القتل والوأد والإجهاض والإجهاز على المرضى والانتحار مشينة ومرفوضة”، الحق في الحياة لا يسقط في حال الإجرام: “من حق السلطة الشرعية إنزال العقوبة التي تتناسب وحجم الجرم حفاظًا على النظام العام،

إلا أنّ إعدام المجرم هو تدبير قاسي إلى أقصى حد، ولا يجوز للدولة أن تتخذه إلا في حالات الضرورة المطلقة، وتستند هذه الضرورة إلى استحالة حماية المجتمع البشري، من المجرم إلا بإعدامه، ولكن هذه الحالات نادرة إن لم نقل غير موجودة”،

الحرية

إن الحرية تعني التخلي عن كل شكل من أشكال الإخضاع والإكراه، والإنسان «مفطور على الحرية»، وحريته هي إحدى ميزاته عن سائر الخلائق، وعندما “ينظم المجتمع ذاته، بحيث يقلّص بطريقة اعتباطية المجال الشرعي لممارسة الحرية، ينتج عن ذلك تفكك الحياة الاجتماعية ودخولها البطيء طور التفكك والانحطاط”، تشمل الحرية، إلغاء الرق والسبي والعبودية، وأشكال العنصرية والتمييز لاسيّما ضد المرأة والطفل والأقليات، وضمان مشاركة جميع أبناء المجتمع في بناء مجتمع على مختلف الأصعدة ومنها السياسية، ولا يمكن أن تفصل الحرية عن حرية الفكر والتعبير والإبداع،

الكرامة والمساواة

تعتبر الكرامة البشرية من حقوق الإنسان اللصيقة به، وتجعل من التعذيب وأساليب الترويع والاستفزاز والإرهاب المتعمد، والعنصرية، وحالات التشهير “المستقبحة”، وقطع الأعضاء، والتعذيب الجسدي والمعنوي، والضغط النفسي، وأوضاع الحياة المنحطة، والسجن دون مبرر، والسبي والاستعباد، والبغاء، والمتاجرة بالنساء والأولاد، وكل ما من شأنه تحطيم إنسان ما نفسي ومعنوي عمل مرفوض،

الملكية الخاصة

أهمية الملكية الخاصة ازدادت في أواخر القرن التاسع عشر بعد أن ظهرت مذاهب فكرية كالاشتراكية التي تحظر الملكية الخاصة أو الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، “إن الهدف المباشر الذي يسعى إليه العامل، هو أن يحصّل رزق يصبح خاص له ويمتلكه بنفسه،،،،، فما ينتظره من عمله ليس الحق بالأجر فحسب بل الحق الملزم والقاطع أن يتصرف بأجره كما يشاء،

فإذا استطاع أن يوفر بعض من مدخراته ليشتري بها حقل مثلا، فمن البديهي أن هذا الحقل ليس سوى أجر العامل ذاته وقد تحول إلى شيء آخر”، وكذلك، فإنّ الملكية الخاصة تميّز الإنسان عن الحيوان: “يجب أن نعترف للإنسان، ليس فقط بالقدرة على استخدام الأشياء الخارجية، وهذا ما تشترك به كل الكائنات الحية، بل بالحق الثابت والدائم بامتلاكها، سواء ما سيتهلك بالاستعمال أو يبقى بعد استخدامه”،

بكل الأحوال، فإن بعض الخيرات ذات طبيعة لا تقبل البيع أو الشراء، وبالتالي فملكيتها يجب أن تكون عامة، يوحق للسلطة الشرعية أيضا أن تحدد سقف الملكية في الحالات الخاصة،

الزواج وتأسيس عائلة

من حق الإنسان الطبيعي أن يختار دون ضغط أو إكراه شريك حياته، وللزوجين يعود تحديد عدد الأولاد، وطرق تربيتهم، ولا يجوز للمجتمع أو السلطة التدخل، إلا في حال فشل الوالدين في التربية،

الثقافة

من حق الإنسان الطبيعي أن ينال التعليم اللازم لتهذيبه وتثقيفه، ومن واجب المجتمع والسلطة، أن تضمن هذا الحق في تربية مدرسية صالحة “ساهرة على كفاءة المعلمين، ومستوى الدروس، وصحة التلامذة، فمن حق الإنسان التحرر من الخرافة وأشكال الخوف الموروثة”، وأن يستفيد من ثمار التطور العلمي للبشر،

إن على المستوى الوطني وإن على المستوى الدولي، كي يُعترف بحق الجميع، وفي كل مكان، بحث الثقافة، وأن نؤمّن تحقيقه وفق كرامة الشخص البشري”، حق الثقافة يشمل أيضًا أنه “للمجتمع البشري، حق في الإعلام، عمّا يهمّ الناس أفراد كانوا أم جماعة، وحسب أوضاع كل واحد منهم”،

حرية التدين

يشمل حق التدين، ضمان حق كل إنسان في ممارسة شعائر دينه دون تضييق،

حقوق الجماعات

حماية البيئة

بوصف الأرض ملك لجميع البشر، فإن التلوث والتسلّح الضخم يقوّض أسس المستقبل، ويجعل البشرية المعاصرة “عدوة للأجيال القادمة، إذ يقوض حرية إنسان الغد”،

احترام حضارات الشعوب

إن تنوع الثقافات واللغات والأعراق البشرية، ، وهو وحده “يمكن أن يعكس جانب من غنى الله اللامحدود”  وبالتالي احترامه واجب، وإدانه ما يخرقه كالعنصرية ضد الزنوج أو اللاسامية ضد اليهود واجب أيضا، إلى جانب محاربة أشكال التمييز الأخرى، لاسيّما ضد الأقليات والمهاجرين في مختلف المجتمعات، وما يُعرف “بالإتنوسنتريّة”،

وهي “جنوح شعب ما للذور عن هويته بالطعن في هوية الآخرين، حتى لينكر عليهم ولو رمزي كما صفتهم البشرية”، في المقابل، فإن الثقافات والحضارات المتنوعة، مدعوة للانفتاح على بعضها البعض، “فإنّ انغلقت حضارة على ذاتها، وذابت في التمسك بأنماط معيشية بالية، ورفضت كل تبادل ومناظرة بشأن الحقيقة الإنسانية، أمست عقيمة وذهبت في طريق الانحطاط”،

الفاشية والحقوق الطبيعية

الفاشية هي ذلك النظام الذي يحاول التدخل في حياة الفرد الخاصة متخذا كدافع لهذا اعتقاده بأن المجتمع هو المنطلق الأهم وليس الفرد، أي أن المجتمع هو منطلق القوانين وهو الخلية الأساسية، ويذهب بعضهم بعيد معتقدا أن المعادل الطبيعي للمجتمع الإنساني هو القطيع أو السرب أو ما شابه، بالتالي يصبح الفرد في دول الأنظمة الفاشية أداة لا تملك في الحقيقة إلا الحقوق الأولية (كحق التنفس مثلا)،

تُهدر في النظام الفاشي كل الحقوق الطبيعية إذ تحاول هذه الأنظمة بناء جوهر اجتماعي ذي لون واحد ولا تتورع في هذا عن محاولة كسر شوكة الفرد والتدخل قسرا في تشكيل جوهره ليتماشى مع فكرة النظام الذي يعتبر نفسه صاحب حق لأن هدفه في النهاية هدف سامي وشريف ألا وهو خير الجميع (كما يؤمن ويعتقد)،

فينذوي الفرد وينطوي على نفسه في محاولاته حماية نفسه وغالبا مايصيير النفاق أهم وسائل التفاعل البشري الأفقي ، في أيام الأنظمة الفاشية الأخيرة لا تتورع السلطات التي تكون قد اندمجت في سلطة واحدة، عن إبعاد كل الأفراد المختلفين معها رأيا وعن حرمانهم حتى من الحقوق الأولية (كحق الحياة)

الحق الطبيعي والنازية

النازية هي النظام الذي يذهب أبعد من الفاشية بكثير، ففي حال أن الأنظمة الفاشية تتقبل في البداية (مجبرة وممتعضة) تعدد أصول المجتمع العرقية، فإن الأنظمة النازية ترفض وجود عرق أو لون إلى جانب العرق الذي تعتبره أفضل العروق، فهي إذا تحاول التدخل في الأفراد شكل وجوهر، وقد تلعب دور الطبيعة في تحسين هذا العرق وتخليصه من ما يسمونه شوائب وأمراض وضعفاء،

محتمين في ذلك بإيمانهم أنهم يفعلون الخير، ليصبح عندهم قتل المعاق أو القصير أو حتى الضعيف جسديا هو خلاص له وخير على المجتمع، وهكذا ينتهي في ظل الأنظمة النازية كل معنى لأي حق طبيعي ويصيير الفرد ليس فقط أداة إنما وقود يُحرق من أجل قضية عظمى لا تختلف من نظام نازي إلى آخر إلا في حجمها، ففي حال محاولة الأول السيطرة على الكون يحاول الآخر السيطرة على جاره المختلف،

اترك رد