التساؤل العلمي
يهدف التساؤل العلمي بصورة عامة إلى تحصيل المعرفة في شكل تفسيرات قابلة للاختبار، يستخدمها العلماء للتنبؤ بنتائج التجارب المستقبلية، يسمح ذلك للعلماء بفهم أفضل لموضوع الدراسة، واستخدام هذا الفهم في ما بعد للتدخل في آلياته السببية (مثل علاج الأمراض)، كلما ارتفعت جودة التفسير في صياغة التنبؤات، ارتفعت فائدته، وزادت احتمالية استمرارها في تفسير ترسانة الأدلة عن بدائله الأخرى، تُسمى التفسيرات الأنجح -التي تفسر التنبؤات الدقيقة وتصيغها على مدى واسع من الظروف- بمصطلح النظرية العلمية،
لا تسفر أغلب النتائج التجريبية عن تغيرات هائلة في الفهم البشري؛ يتطور الفهم العلمي النظري عبر سيرورة تدريجية من التطورات خلال الزمن، وأحيانًا تكون تلك التطورات في مجالات مختلفة من العلم،
تتباين النماذج العلمية في مدى قابليتها للاختبار تجريبيا، وبالنسبة للمدى الزمني لذلك وقبولها في المجتمع العلمي، تُقبل التفسيرات العلمية عمومًا عبر الزمن مع تراكم الأدلة حول موضوع معين، ومع إثبات جدارة الإجابات التي يقدمها التفسير عن بدائله في شرح الأدلة، يعيد الباحثون صياغة التفسيرات عبر الزمن، أو تُدمج التفسيرات معًا لإنتاج تفسيرات جديدة،
ينظر ديفيد هانتر تاو إلى المنهج العلمي بوصفه خوارزمية تطورية مطبّقة في العلم والتكنولوجيا،
خصائص التساؤل العلمي
ترتبط المعرفة العلمية بالنتائج التجريبية بعلاقة وثيقة، وقد تظل عرضة للدحض إذا أظهرت الملاحظات التجريبية الجديدة عدم اتساقها معها، لا تُعتبر أي نظرية نهائية؛ لأن الأدلة الإشكالية تظهر مجددًا، إذا وُجد دليلٌ ما، تُقترح نظرية جديدة، أو (وهذا أكثر شيوعا) تُضاف بعض التعديلات على النظرية السابقة لتفسير الأدلة الجديدة، قد يجادل البعض حول قوة النظرية بمدى استمرارها دون تغييرات رئيسة في مبادئها الجوهرية،
قد تندرج النظريات تحت مظلة نظريات أخرى، فقوانين نيوتن، على سبيل المثال، فسرت آلاف السنين من الملاحظات العلمية للكواكب بدقة شديدة، ولكن اتضح في ما بعد أنها تمثل حالات خاصة من نظرية أعم (النسبية)، التي تفسر الاستثناءات (التي لم يفسرها نيوتن سابقًا) وتتنبأ بالملاحظات الأخرى مثل انحناء الضوء بفعل الجاذبية وتفسّرها، ولهذا ترتبط الملاحظات العلمية المستقلة ببعضها في حالات معينة، وتُوحَّد بمبادئ ذات قوة تفسيرية كبرى،
بما أن النظريات الجديدة قد تكون أشمل من سابقتها، وبالتالي تنطوي على قدرة تفسيرية كبرى، فإن النظريات اللاحقة تسد معايير عليا بتفسير كمية كبرى من الملاحظات عن النظريات السالفة لها، تفسر نظرية التطور، على سبيل المثال، تنوع الحياة على الأرض، وكيفية تكيّف الأنواع مع بيئاتها، وعدد من الأنماط الملاحظة في العالم الطبيعي،
وكان التعديل الأبرز عليها مؤخرا اتحادها مع علم الوراثة لتشكيل التركيب التطوري الموسع، وقد ضمت أيضا جوانب متعددة من مجالات أخرى مثل الكيمياء الحيوية وعلم الأحياء الجزيئي،
المعتقدات والانحيازات
تتوجه المنهجية العلمية إلى اختبار الفرضيات تحت ظروف مضبوطة علميا قدر الإمكان، تتوافر هذه الخصيصة في مجالات معينة، مثل علوم الأحياء، ولكنها عسيرة في مجالات أخرى، مثل علم الفلك،
يؤدي الضبط التجريبي وقابلية الاستنساخ إلى تخفيض تأثيرات الظروف المحتمل ضررها، وتقليل الانحيازات الشخصية إلى درجة ما، على سبيل المثال، قد تغير المعتقدات المسبقة من تأويل النتائج، كما يحدث في الانحياز التأكيدي؛ يُعتبر الانحياز التأكيدي حدس يؤدي بالشخص المعتنق اعتقادًا ما إلى رؤية الأشياء بصورة تعزز من معتقده، حتى إذا اختلف معه ملاحظ آخر (أو بعبارة أخرى، ينزع الأفراد إلى ملاحظة ما يتوقعون ملاحظته)،
من الأمثلة التاريخية على ذلك، اعتقاد طيران الحصان وتفلطح أقدامه عندما لا تلامس أقدامه جميعًا الأرض في أثناء العدو، لدرجة تصوير تلك الحالة على اللوحات من مؤيديها، ولكن أظهرت صور الحركة والسكون الأولى، التي التقطها إدوارد مويبريدج، بطلان هذا المعتقد، وأن الأقدام تتجمع كلها معًا بدلًا من ذلك،
تُعتبر مغالطة التوسل بالحداثة من الانحيازات البشرية المهمة أيضًا، إذ تلعب دورًا في تفضيل العبارات الجديدة المدهشة (انظر توسل بالحداثة)، وقد تؤدي إلى البحث عن الأدلة التي تدعم صحة الجديد، قد تُعتنق المعتقدات غير الخاضعة للاختبار جيدًا، وتُبنى عليها الأفعال عبر حدسيات أقل حزمًا،