• كاتب المشاركة:

الأصول الخمسة عند المعتزلة

تُمثّل الأصول الخمسة الخط العام لفكر المعتزلة، وهم قد اتفقوا عليها، ولا يعني هذا انعدام الخلاف بينهم، فلقد كان هناك بعض الخلافيات في الفروع التي بُنيت على تلك الأصول، لكن هذه الأصول الخمسة تمثل الأساس العام لفكر المعتزلة، وهذه الأصول لم تتكون دفعة واحدة، بل مرت بمراحل نشأة المعتزلة وتطورها، وأولها من الناحية التاريخية هو أصل المنزلة بين المنزلتين، الأصول الخمسة للمعتزلة هي:

  1. التوحيد: ويعنون به إثبات وحدانيةِ الله ونفي المثل عنه، وقالوا أن صفاته هي عين ذاته فهو عالم بذاته قادر بذاته،،، لا بصفات زائدة عن الذات، وقد درج مخالفوهم على تفسير ذلك بأنهم ينفون الصفات عن الله،
  2. العدل: ويعنون به قياس أحكام الله على ما يقتضيه العقل والحكمة، وبناء على ذلك نفوا أمور وأوجبوا أخرى، فنفوا أن يكون الله خالق لأفعال عباده، وقالوا: إن العباد هم الخالقون لأفعال أنفسهم إن خير وإن شر، قال أبو محمد بن حزم: “قالت المعتزلة: بأسرها حاشا ضرار بن عبد الله الغطفاني الكوفي ومن وافقه كحفص الفرد وكلثوم وأصحابه إن جميع أفعال العباد من حركاتهم وسكونهم في أقوالهم وأفعالهم وعقودهم لم يخلقها الله عز وجل”، وأوجبوا على الخالق الله فعل الأصلح لعباده، قال الشهرستاني: “اتفقوا -أي المعتزلة- على أن الله لا يفعل إلا الصلاح والخير، ويجب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد، وأما الأصلح واللطف ففي وجوبه عندهم خلاف وسموا هذا النمط عدل”، وقالوا أيضا: بأن العقل مستقل بالتحسين والتقبيح، فما حسنه العقل كان حسن، وما قبحه كان قبيح، وأوجبوا الثواب على فعل ما استحسنه العقل، والعقاب على فعل ما استقبحه،
  3. المنزلة بين المنزلتين: وهذا الأصل يوضح حكم الفاسق في الدنيا عند المعتزلة، وهي المسألة التي اختلف فيها واصل بن عطاء مع الحسن البصري، إذ يعتقد المعتزلة أن الفاسق في الدنيا لا يسمى مؤمن بوجه من الوجوه، ولا يسمى كافر، بل هو في منزلة بين هاتين المنزلتين، فإن تاب رجع إلى إيمانه، وإن مات مُصِر على فسقه كان من المخلدين في عذاب جهنم،
  4. الوعد والوعيد: والمقصود به إنفاذ الوعيد في الآخرة على أصحاب الكبائر وأن الله لا يقبل فيهم شفاعة، ولا يخرج أحد منهم من النار، فهم كفار خارجون عن الملة مخلدون في نار جهنم، قال الشهرستاني: “واتفقوا -أي المعتزلة- على أن المؤمن إذا خرج من الدنيا على طاعة وتوبة استحق الثواب والعوض، وإذا خرج من غير توبة عن كبيرة ارتكبها استحق الخلود في النار، لكن يكون عقابه أخف من عقاب الكفار، وسموا هذا النمط وعد ووعيد”،
  5. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهذا الأصل يوضح موقف المعتزلة من أصحاب الكبائر سواءً أكانوا حكام أم محكومين، قال الأشعري في المقالات: “وأجمعت المعتزلة إلّا الأصم على وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر مع الإمكان والقدرة باللسان واليد والسيف كيف قدروا على ذلك” فهم يرون قتال أئمة الجور لمجرد فسقهم، ووجوب الخروج عليهم عند القدرة على ذلك وغلبة الظن بحصول الغلبة وإزالة المنكر،

التوحيد

وحدانية الله أصل من أصول الدين، بل هو أول وأهم أصل قام عليه الإسلام، وعندما يتمسك المعتزلة بهذا الأصل، فهم يحاولون إقراره في مواجهة منكريه من أصحاب الديانات المخالفة للإسلام، وهم في سبيل تقرير ذلك يعطون صورة لتنزيه الله ووحدانيته بعيدة عن كل صور التجسيم والتشبيه، ويقاومون تلك النزعات التي تسربت داخل البيئة الإسلامية عند بعض فرق الغلاة المنتسبة إلى الإسلام، وإمعان في تأكيد ذلك التنزيه المطلق،

نفوا أن تكون لله صفات قديمة حتى لا تشاركه في القدم، ولم تتوان المعتزلة في اتهام مخالفيهم من الفرق الإسلامية بنقض التوحيد، ومن أمثلة ذلك: ردهم على المشبهة والمجسمة وعلى القائلين بأكثر من إله: خاض المعتزلة معارك كلامية ومناقشات ضد القائلين بأكثر من إله والقائلين بالتجسيم أو الحلول والاتحاد، سواءً أكانوا من أصحاب الديانات الشرقية القديمة أو اليهودية والمسيحية، وهذه نماذج من تلك الردود:

رد النظام على القائلين بالنور والظلمة، معتمدين على القول باستحالة صدور الخير والشر من واحد، وذلك بأن يلزمهم القول بعدم استحالة ذلك، فالإنسان الواحد قد يكذب في حال ويصدق في حال أخرى، وهذا يدل على أن الفاعل الواحد قد يكون منه شيئان مختلفان، ولقد ضرب النظام أمثلة تؤكد صدور الخير والشر من واحد، ولقد حاول النظام إبطال قول المنانية في امتزاج النور بالظلمة وأن منهما العالم، وهما في أنفسهما وفي أعمالهما مختلفان متضادان،

فيرد عليهم أنه إذا كانا متضادان فكيف امتزجا وتداخلا واجتمعا من تلقاء أنفسهما، وليس فوقهما قاهر يقهرهما، ولا جامع جمعهما ومنعهما من أعمالهما إذ أن عملهما مختلفان، وهذا يعني أنه لابد للمتضادان من جامع يجمعهما على ما في طبعهما، وهذا دليل على أن للأشياء خالق خلقها ومدبر دبرها فقهرها على ما أراد، ودبرها على ما أحب، وجمع منها ما أراد جمعه وفرق ما أراد تفريقه،

ولقد نفت المعتزلة عن الله الجسمية والجوهرية والعرضية، وما يلحق وصف الجسمية من أوصاف كالوجود في المكان والتحرك والذهاب والمجئ، وأيضا الجوراح والأعضاء وغير ذلك من الأوصاف، ولقد أوجز أبو الحسن الأشعري مجمل عقيدة المعتزلة فذكر أنهم قالوا عن الله إنه ليس بجسم، ولا شبح، ولا جثة، ولا صورة، ولا لحم، ولا دم، ولا شخص، ولا جوهر، ولا عرض، ولا بذي لون، ولا طعم، ولا رائحة، ولا مجسة، ولا بذي حرارة ولا رطوبة ولا يبوسة، ولا طول ولا عرض ولا عمق، ولا اجتماع ولا افتراق، ولا يتحرك ولا يسكن، ولا يتبعض، وليس بذي أبعاض وأجزاء، وجوارح وأعضاء، وليس بذي جهات، ولا يحيط به مكان، ولا يجوز عليه الحلول في الأماكن، ولا يجري عليه زمان ولا يوصف بصفات المخلوقين الدالة على حدوثهم، ولا تجري عليه الآفات، ولا تحل به العاهات، وكل ما خطر بالبال وتصور بالوهم فغير مشبه له، وهذا النص يصور بدقة نفي المعتزلة لكل صور التجسيم والتشبيه أو أي معنى يؤدي إليهما

،ويرد المعتزلة على القائلين بالجسمية أو بمعنى يؤدي إليها، سواء من المخالفين للإسلام أو بعض المغالين المنتسبين للإسلام، وتنبني ردود المعتزلة على أن حقيقة الجسم ومعناه وهو مؤلف ومركب، له طول وعرض وعمق وغير ذلك من معاني الأجسام، مخالفة لذاته، وتنتفي عنه تلك الأوصاف التي هي للأجسام والجواهر، ووصف الله بالجسم أو الجوهر لا يصح لأن ذلك يقتضي التحيز، إذا لابد من تحيزه، ووجب أن لا ينفصل تحيزه عن كونه كائن في جهة، والكائن لا يكون كائن في جهة إلا لمعنى محدث،

والقول بأنه جسم يعني أنه محدث، والله ليس محدث بل قديم أزلي بلا بداية، وأيضاا الأجسام متماثلة، وإذا كانت متماثلة استوت في استحقاقها للصفة الذاتية، فلو كان الله جسم، لكان ما عداه من الأجسام قديم مثله، وأيضاا نفي كون وصفه بالعرض، وهو ما ينفي عنه الجسمية من أحكام التحيز، ولو كان الله بصفة الأعراض فيجب صحة العدم عليه، وهذا يخرجه عن كونه قديم، ولتأكيد المعتزلة نفي التجسيم والتشبيه أولوا الآيات القرآنية التي قد يوحي ظاهرها بالتجسيم والتشبيه،

وتعلق بظاهرها القائلون بالتشبيه والتجسيم من بعض الفرق المنتسبة للإسلام، وهذه الآيات تتعلق بالصفات الخبرية التي طريق ورودها الخبر الصادق، وهي تعطينا أمثلة للتأويل عند المعتزلة، فالشبه التي وقعت على القائلين بالجسمية مثل قوله: (الرحمن على العرش استوى) والاستواء في معنى البشر هو القيام والانتصاب والجلوس وهما من صفات الأجسام، فيجب أن يكون الله جسم، ويجيب المعتزلة بتأويل معنى الاستواء، بأنه يعني الاستيلاء والغلبة، ويستشهدون على ذلك بما هو مشهور في اللغة بأن معنى الاستواء القهر والغلبة والاستيلاء،

وإذا اعترض بأن الله مستول ومستحوذ على العالم جملة فلم خصص العرش؟ يجيب المعتزلة على ذلك: لأنه أعظم خلق الله فلهذا اختصه أو أن معنى العرش المُلك، وأيضا تعلقهم بقوله: (ولتصنع على عيني) فقالت المجسمة أثبت لنفسه العين، وذو العين لا يكون إلا جسم، ويجيب المعتزلة بأن المراد بالعين العلم، وأيضا تعلقهم بقوله: (كل شيء هالك إلا وجهه) فقالت المجسمة أثبت لنفسه وجه، وذو الوجه لا يكون إلا جسم، وترى المعتزلة أن المراد بالوجه الذات،

فكل شيء هالك إلا ذاته، وأيضا تعلقهم بقوله: (قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين) فيه إثبات اليد وذو اليد لا يكون إلا جسم، وترى المعتزلة أن اليد تعني القوة، وغير ذلك من الآيات التي أوردها المجسمة والمشبهة، وقام المعتزلة بالرد عليها وتأويلها بما يتفق مع نفي الجسمية والتشبيه وأنه ليس كمثله شيء، ونفى المعتزلة الجهة عن الله، وذلك لأن إثبات الجهة إثبات للجسمية والمكانية، وقال بعضهم كالقوطي والجبائي بأن الله لا في مكان،

وقال غيرهم من المعتزلة ومنهم الكعبي أنه في كل مكان بمعنى حافظ له ومدبر له، ولقد اتهم ابن حزم القائلين من المعتزلة بأنه في كل مكان بالقول بالحلول، فقال: لو كان الله في مكان لكان إما جسم أو عرض، ولكان المكان محيط به من جهة أو من جهات وهذا منتف عنه لأنه هو المحيط،وينفي المعتزلة قول النصارى بالتثليث والاتحاد، ويتهمونهم بالقول بأكثر من إله، وأن القول بالتثليث أو الاتحاد ينقض التوحيد، ويبني المعتزلة موقفهم من معارضة النصارى على أساس إبطال التثليث والاتحاد، أما عن التثليث فيرد المعتزلة بأن القول إن الله جوهر واحد ثلاثة أقانيم فيه مناقضة ظاهرة،

لأن قولنا في الشيء أنه واحد يقتضي أنه في الوجه الذي صار واحد لا يتجزأ ولا يتبعض، وقول ثلاثة يعني أنه متجزئ، وإذا قالوا إنه واحد ثلاثة أقانيم كان في التناقض بمنزلة أن يقال: إنه موجود ومعدوم أو قديم ومحدث في وقت واحد، أي أن هذا القول يؤدي إلى التناقض، ويؤدي إلى القول بأن الأشياء متفقة ومختلفة في وقت واحد، وهذا مستحيل، ولو كانت الأقانيم الثلاثة قديمة لتماثلت في القِدَم، واستحال أن يختص القديم لذاته بما يفارق به الآخر، وهذا يبطل قولهم،

لأن الأقانيم إذا كانت قديمة، فيجب أن لا يصح أن يختص الأب بما يستحيل على الابن والروح، ولا يصح اختصاصهما بما يستحيل عليه ولا اختصاص كل واحد منهما لما يستحيل على الآخر، وهذا يوجب كون الابن أب وكون الأب ابن وكون الأب روح والروح أب، وعلى هذا يلزم المعتزلة القائلين بثلاثة أقانيم بأن كل واحد من الأقانيم إله، لأنه إذا كان الابن والروح مشاركين للأب في القِدَم فما أوجب كونه إله يوجب كونهما إلهين، وإذا قالت النصارى نحن لا نثبت ثلاثة آلهة، إنما هي أقانيم ثلاثة وجوهر واحد في الحقيقة،

فإن المعتزلة يردون بأن المعنى لقولهم هذا يؤدي إلى إثبات ثلاث ذوات ولا عبرة باللفظ، والوجه في إفساد المذهب هو المعنى وليس العبارة عنه، فاختلاف العبارات في المذهب أو اختلاف العبارات بحسب اللغات لا يؤثر في معنى المذهب وكونه فاسد، ولا تتغير حال المذهب بتغير العبارات عنه، والمعتزلة يقولون أيضا إنه لا يصح أن نطلق لفظ الجوهر على الله، وذلك لأن الله ليس جوهر، إذا لو كان جوهر لكان محدث ولاقتضى ذلك تحيزه،

وهي صفات منفية عنه ويحاول المعتزلة أن يلزموا النصارى فساد قولهم إنه جوهر واحد ذو ثلاثة أقانيم، فيذكروا احتمالات ذلك القول، فلا يخلو الإله من أن يكون هو الجوهر – وعندهم أن الجوهر غير الأقانيم – لزمهم إخراج الأب والابن والروح من الإلهية، فإن قالوا إن الإله هو الأقانيم دون الجوهر، لزمهم أن الجوهر القديم ليس بإله، وهذا ترك قولهم، لأنهم يقولون إن الإله جوهر ذو ثلاثة أقانيم، فإن قالوا إن الإله هو هما لزمهم القول بأن الأب والابن والروح ليس بإله،

ومن عبد ذلك، لم يعبد إله، ومن كفر به لم يكفر بالإله، وإن قالوا: إن الإله هو الجوهر الذي هو ذو أقانيم ثلاثة، قيل لهم: فيجب أن يكون قولكم إن الإله هو الأب والابن وروح القدس غلط، لأن هذه أمور مضافة إلى الإله لا أنها إله، وهذا الاحتمال الأخير يجعل الأقانيم الثلاثة صفات، ولو قال النصارى أنها صفات، لتعددت الأقانيم بتعدد الصفات، ولم تعد ثلاثة فقط، بل تزداد عددها بزيادة الصفات،

ولمبدأ التوحيد مفهوم خاص عند المعتزلة، وهو يعني لهم:

  1. التنزيه المطلق: “ليس كمثله شيء” لا تشبيه ولا تجسيم وتنزيه الله عن أن يكون مثل الأجسام أو الموجودات الحسية ونفي أي تشبيه بين المخلوقات والله، والآيات التي تفيد التشبيه لا يقبلها المعتزلة على ظاهرها بل يقومون بتأويلها مثل “ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام” نخرج المعنى الظاهر لكلمة (وجه) ونقول أن المقصود بها الذات،
  2. التوحيد بين الذات والصفات: الله ذات ووجود وهذا الوجود يتصف بصفات ذكرها الله في كتابه وصف الله بها نفسه بأنه عالم، كبير، قدير، سميع، خالق، بصير ،

ويعتبر المعتزلة هذه الصفات مضافة للذات، مثلا: الإنسان لا يولد عليم ثم يصبح عليما، المعتزلة يقولون أن هذه الصفات ليست زائدة عن الذات إنما هي عين ذات الإلهية (العلم – القدرة – الإرادة – الحياة – السمع – البصر – الكلام) سبع صفات للذات،

  • صفة الذات: هي الصفة التي لا يجوز أن أصف الله بها وبضدها فلا يجوز أن أصف الله بالجاهل×عالم، ولا بالعاجز×قادر الخ،،
  • صفات الفعل: يجوز أن يوصف الله بضدها مثل الرزاق فأحيانا يرزق وأحيانا يمنع الرزق، والمعتزلة يقولون أن *الكلام صفة الفعل وليست صفات الذات،

يقول المعتزلة أن صفات الله الستة لا تنفصل عن الذات وإنما هي عين الذات الإلهية، سميع بذاته، بصير بذاته وهكذا،،، قال أبو هذيل العلاف “سميع بسمع هو ذاته وبصير ببصر هو ذاته”، والفرق ان الأول نفى الصفة والثاني اثبت الصفة وهي عين الذات،(الملل والنحل، الشهرستاني) لأنه إذا قلنا أن الصفات ليست عين الذات فمعنى ذلك أن هناك تعدد وتجزؤ في الذات الإلهية وهذا لا يجوز عندهم أي المعتزلة لأنه في رأيهم شرك لأنه عندي ذات قديمة وصفات زائدة على الذات ومعنى ذلك أننا نقع في الشرك ونقول بأكثر من قديم ، والخروج من هذا المأزق يكون بالتوحيد بين الذات والصفات فصفة العلم هي الذات نفسها، وخصوم المعتزلة يسمونهم المعطلة أو أهل التعطيل أي عطلوا أن يكون للصفات وجود متمايز، وللشيعة والخوارج والإباضية رأي شبيه بهذا المبدأ،

ويترتب على هذا المذهب بعض المواقف العقيدية مثل نفي رؤية الله لا في الدنيا ولا في الآخرة،”لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ”، “وجوه يومَئِذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة”، إلى ليست حرف جر بل تعني النعمة/ ناظرة أي تنتظر تمشيا مع مبدأ التنزيه فإذا رؤي الله بالأبصار فهو جسم،

يترتب على مبدأ التوحيد القول بخلق القرآن، فالقرآن كلام الله والكلام صفة من صفات الله فالله متكلم وكلم موسى تكليما وصفة الكلام هي إحدى الصفات التي يعتبرها بعض المسلمين صفات ذات (صفة الذات هي صفة يوصف الله بها ولا يجوز أن يوصف بضدها مثل الحياة والإرادة)، ويعتقدون أن كلام الله مخلوق أو حادث أي أنه وجد بعد لم يكن موجودا وتكلم الله به بعد لم يكن متكلما،

فرض المأمون القول بخلق القرآن وطلب من الجميع أن يقروا بذلك واعتبر القول بقدم الذات الإلهية ضرب من الشرك المضاد للتوحيد؛ إلا أن أحمد بن حنبل تصدى لهذا القول فاستضعف وتعرض للسجن والتعذيب، وقد لقب بإمام أهل السنة،

العدل

والعدل مبدأ هام في فكر المعتزلة لأنهم يربطون بين صفة العدل والأفعال الإنسانية ويرون أن الإنسان حر في أفعاله وهم يقولون ذلك لكي ينقذوا التكليف الشرعي لأن الإنسان المسلم مكلف شرعيا والإنسان مسئول عن هذه الأفعال حتى يستقيم التكليف ويكون الثواب عدلا والعقاب عدلا، خلافا للجبرية الذين يعتقدون أن الأفعال من خلق الله والإنسان مجبور عليها، إلا أن المعتزلة ترى أن عدل الله يقتضي أن يكون الإنسان هو صاحب أفعاله، يترتب على القول بالعدل الإلهي بأن الله لا يفعل الشر فأفعال الله كلها حسنة وخيرّة، الشر إما أن يوجد من الإنسان، أو لا يكون شرا إنما لا نعرف أسبابها، أو لا نستطيع أن نجد لها مبرر لكنها ليست شرا،

يقول المعتزلة أن الله يفعل ما هو الأصلح لعباده ولا يمكن أن يفعل الشر لعباده، ويتمثل المعتزلة الذات الإلهية خيرا مطلقا، ويقولون باللطف الإلهي أن الله يهدي الناس إلى ما فيه الخير لطفا بهم،القول بالحسن والقبح الذاتيين أو العقليين، والمقصود بها أفعال الإنسان الحسنة وأفعال الإنسان القبيحة، مثلا الصلاة فعل حسن، التصدق فعل حسن، إطعام المسكين فعل حسن،،،/ الزنا فعل قبيح، الاعتداء،، أفعال سيئة قبيحة،

وبالنسبة لتحديد ما إذا كان الفعل حسنا أو قبيحا فهناك إتجاهان: الأول يقول (أن الشرع قد أخبرني ذلك) يجعل الأفعال حسنة (الشرع أخبرني عن ذلك) يجعل الأفعال قبيحة إذن الإخبار الشرعي هو المعيار وهذا مبدأ التيار السلفي النقلي الذي يأخذ بظاهر النصوص، والإتجاه آخر التيار العقلي يقول أن العقل هو المسئول،

الوعد والوعيد

المنزلة بين منزلتين

حكم الفاسق في الدنيا ليس بمؤمن ولا بكافر، فيظل على هذا الحال فإن تاب أصبح مؤمن وإن لم يتب حتى موته يخلد في النار، ينسب إلى الرواقيين التمييز بين قيمة الخير وقيمة الشر ويقولون هناك أشياء خيره وأشياء شريرة وأشياء بين البينين، وهذه هي فكرة المعتزلة بالقول بمنزلة بين منزلتين إذ تأثروا بالرواقيين وقد تشكل الاعتزال كمذهب في القرن الثاني،

والسبب فيه انه دخل رجل على الحسن البصري فقال يا امام الدين لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة وهم وعيدية الخوارج وجماعة يرجئون اصحاب الكبائر والكبيرة عندهم لا تضر مع الايمان بل العمل على مذهبهم ليس ركنا من الايمان ولا يضر مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة وهم مرجئة الامة فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقادا، فتفكر الحسن في ذلك وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء انا لا اقول ان صاحب الكبيرة مؤمن مطلقا ولا كافر مطلقا بل هو في منزلة بين المنزلتين لا مؤمن ولا كافر ثم قام واعتزل إلى اسطوانة من اسطوانات المسجد يقرر ما اجاب على جماعة من اصحاب الحسن فقال الحسن اعتزل عنا واصل فسمى هو وأصحابه معتزله،

ووجه تقريره أنه قال إن الإيمان عبارة عن خصال خير إذا اجتمعت سمى المرء مؤمنا وهو اسم مدح والفاسق لم يستجمع خصال الخير ولا استحق اسم المدح فلا يسمى مؤمنا وليس هو بكافر مطلقا أيضاا لأن الشهادة وسائر أعمال الخير موجودة فيه لا وجه لإنكارها لكنه إذا خرج من الدنيا على كبيرة من غير توبة فهو من أهل النار خالد فيها إذ ليس في الآخرة إلا فريقان فريق في الجنة وفريق في السعير لكنه يخفف عنه العذاب وتكون دركته فوق دركة الكفار،

المعتزلة الجدد

حدثت عدة محاولات لإحياء الفكر المعتزلي، لكن معظم هذه المحاولات كانت تعاني من التأثر بالفكر الغربي، وبالتالي بدت هذه المحاولات وكأنها تلحق الحضارة الإسلامية بالحضارة الغربية، كما أن هنالك محاولات جديرة بالاهتمام تقوم على إحياء الفكر الإسلامي على أسس عقلانية ومعرفية معاصرة ومنهم أمين نايف ذياب والذي ناظر الألباني

اليوم يستمر المعتزلة التقليديون بشكل رئيسي في المغرب العربي بين أولئك الذين يطلقون على أنفسهم الواصيلية، بالإشارة إلى واصل بن عطا المؤسس الشهير لمعتزلة، تستخدم الحركة عباءة المعتزلة في المقام الأول كعلامة هوية،

اترك رد